سيدنا "سليمان" عليه السلام رزقه الله القدرة على فهم جميع خلق الله دون استثناء، و ذات يوم رأى غرابا عجوزا قد أنهكته السنين و لاحظ أن احدى عينيه مفقوءة و سأله سيدنا سليمان عن سبب فقدانه عينه، فأجابه الغراب: إنها قصة طويلة مليئة بالغرابة...فطلب سيدنا أن يسمعها منه كاملة، و قال الغراب: عندما كنت في ريعان شبابي كنت لا أترك ركنا في هذا الجو الفسيح الا جلته، أحلق بين السماء و الأرض و أسبح للخالق الذي برى الكون، و يوما إذا بي، و أنا محلق في الجو، أرى ضوءا ينبعث من الأرض و كأنها أشعة الشمس، دنوت شيئا فشيئا لأرى ما الأمر: إنه لأمر عجيب حقا
قال سيدنا سليمان: و ماذا رأيت؟؟؟
الغراب: لقد كانت بلدة مبنية بالذهب أسوارها و جران بنيانها كلها ذهب و فيها من الأنعام و الخيرات كل شيء، و كل ما يمكن أن يذكره الإنسان تجده هناك...
سيدنا سليمان: وماذا عن أهلها؟؟
الغراب: كرمهم فاق كل كرم، فما عهد الغراب أن يكرمه الإنسان، نعم قد أكرمني أهلها بعيراُ نحر لأجلي، و مكثت هناك شهورا ثم غادرتهم لأجول في باقي أراضي الله و سماواته، و بعد سنوات قليلة عدت إلى البلدة الذهبية فإذا بها أصبحت كلها فضة و لم يعد هناك سور ذهبي... و الأهالي أكرموني هذه المرة بشاةٍ و كذلك بقيت عندهم شهورا قليلة ثم ذهبت دون أن أعرف سبب التغير هذا...
سيدنا عليه السلام: و عدت إليهم مرة أخرى؟
الغراب: أجل بعد سنة، و لكن حال البلد ساء أكثر؛ لقد بني هذه المرة من نحاس، و لم أحض إلا بدجاجة فقد قلت خيراتهم و أنعامهم، أكلت الدجاجة و عدت أدراجي أكمل رحلاتي، مرت سنة أخرى و ذهبت أتفقد أحوال البلدة لعل حالها قد عاد إلى ما كان عليه، لكن هيهات فقد أبحت مدينة طينية أهلها لا يجدون ما يأكلون، ضاعت منهم كل أرزاقهم، دنوت من أهلها لأعرف سبب هذا و لم أتمكن إلا من سماع أن هذا الفقر سببه الحية اللعينة، و إذا بي أصاب بحجرة فقأت عيني لقد كانت من صبي أراد اصطيادي ليلأكلني من شدة الجوع فهربت و لم أعر شيئا عن هذه الحية و ما ذنبها في فقرهم، و هذه هي قصة فقداني لعيني في المدينة الغريبة
بعد سماع قصة الغراب قرر سيدنا سليمان عليه اللام زيارة هذه المدينة ليعرف تفاصيل أحوالها الغريبة، و طلب من الغراب أن يدله عليها
لما وصل إليها سيدنا سليمان سأل أهلها عن سبب فقرهم المتقع، فأخبروه أن منبع خيراتهم و أرزاقهم كانت من بئر كبيرةٍ لهم بالمدينة، فكانت مدينتهم مبنية ذهبا، و يوم أتت حية عظمى سكنت البئر؛ بدأت تقل مواردهم شيئا فشيئا حتى أصبح مستحيلا عليهم إخراج الأفعى من البئر لأن الرمال قد غطت البئر، و بالتالي ساء حالهم الى أن أصبحوا لا يجدون أكلا.
أمر سليمان عليه السلام الريح بأن تهب على البئر كي تخرج منها كل الرمال، و بعدها خرجت الحية من البئر بعد أن حبستها الرمال لسنوات، فضربها سيدنا سليمان و جنوده على رأسها حتى ماتت ، و كان إسم الحية هو "لس".اقتلع سيدنا سليمان نابيها(كان كبيرين نظرا لعظمة الأفعى التي ملأت بئرا) و جعلهما بابا كبيرا للمدينة، و سميت بذلك المدينة "نابُ لِس" و مع مرور السنين أصبح ينطق اسمها "نابلس"